Liturgical Logo

الأحد الخامس من الزمن الأربعيني (ج)

الأب بيتر مدروس

يكتب بولس رسول الأمم الإناء المختار إلى أهل فيليبّي في اليونان، وإلينا جميعًا : “أنا عبريّ من سبط بنيامين”. سمّاه والداه “شاؤول” تيمّنًا بأعظم ابناء ذلك السبط شاؤول الملك. ويعدّد الرسول صفاته وامتيازاته ومناصبه ومناقبه، حسسب العقليّة اليهوديّة. ويدلّنا على اسمى المراتب في اليهوديّة الشّعبيّة : طائفة الفرّيسيّين أي المنفصلين (ولنقولنّ “المعتزلين”) عن معشر الخطأة “المساخيط”! وهم المخوّلون أفضل من غيرهم ل “تفسير” الكتب المقدّسة (معنى آخر للفعل العبري الآرامي “فرش”).

الاضطهاد للكنيسة : أوج التديّن والإيمان والعقيدة (العبريّة)!
يعطي مار بولس ذاته – وهو شاؤول الفريسيّ- شهادة “الامتياز” هذه. يعني بالعربيّة أنّ قمّة التديّن اليهوديّ في عصره – وفي أيّامنا – هي التنكيل بالمسيح والمسيحيين، بداية بيسوع الناصريّ ثم اسطفانوس وباقي الرسل والتلاميذ الأوّلين إلى قوافل الشهداء المسيحيين اليوم .
“الناصريّون” أتباع يشوع الناصري مجدّفون كفّار مشركون ، يشركون يشوع مع الله وقد ألّهوه (هذه هي تهمة الأمس واليوم) ويعبدون ثلاثة آلهة. وما أشبه اليوم بالأمس: على سبيل المثال: اغتيال اربع راهبات من رهبنة الأمّ تريزا في اليمن يخدمن مسنّين مسلمين (مع اثني عشر مسنًّا مسلمًا أيضًا) قبل ثلاث سنوات تقريبًا ما أتى عرضًا ولا من باب الخطأ. وكما يُشير أحد الأساقفة، اغتيل منذ عقود ما لا يقلّ عن أربعين راهبًا من رهبنة المطران دانيال كمبوني وراهبتين من “النغريتسيا”، ويخاف المرء أن يقول : “والحبل على الجرّار”. فالأسباب نفسها تعطي نفس النتائج. واستغرب الاسقف الإيطالي المشار إليه أنّ وسائل الإعلام الإيطاليّة أغفلت تمامًا نبأ اغتيال الراهبات في عدن. ويقلّ استغراب المرء بل يزول عندما يُدرك ان كثيرين من القائمين على وسائل الإعلام والحكومات مسيحيون اسمًا يهود جوهرًا أتباع جمعيات ذات اسرار ألدّ أعدائها المسيح والعذراء والكنيسة ولا سيّما الكاثوليكيّة .

ضرورة أن نوضح أنّنا لسنا كفّارًا، بلا ملل ولا كلل!
ضروري ان نعرف ما تقوله الأديان الأخرى عنّا، غير مكتفين بمحبتنا نحن للآخرين. وهنا، يحلو لنا كمسيحيين أن نعلن على رؤوس الاشهاد للإخوة المسلمين أنّنا موحّدون وأنّ بعض التهم أو الشبهات التي يوردها القرآن، يردّ بنفسه عليها كإنكار “عيسى” أنّه قال للناس : اتّخذوني وأمّي إلهين من دون الله”. ومن ناحية تاريخيّة، كانت على ما يبدو فئات يشير إليها القرآن ليست موجودة في أيّامنا بحيث لا تتمّ فينا هذه الشبهة أو تلك. وفي القرن الثاني عشر الميلادي أقرّ فخر الدين الرازي أن ما من فرقة نصرانية تتخذ المسيح وأمّه العذراء مريم إلهين من دون الله. وقانون إيماننا يعلن : “أومن بإله واحد” بحيث انّ الله عندنا هو الواحد الأحد وليس ثالث ثلاثة ولا أوّل ثلاثة. ولا نؤمن بتأليه اي إنسان بل بأنّ الكلمة أصبح بشرًا وضرب خيمته بيننا .

الاشتراك في آلام المسيح
حسبنا استشهاد مرسلات ومرسلي المحبّة، لنقرب معهم من زمن الآلام. اسمهم على جسمهم : مرسلي المحبّة ، المحبّة التي تحبّ حتى الموت، بخلاف تديّن الفريسي شاؤول الذي كان مستعدًّا أن يقتل أو “غيرة” النبي إيليا الذي قتل اربعمئة من كهنة البعل. هذه عقلية كنّا نستغرب منها ولكنّنا نراها اليوم، على بُعد 2900 سنة على الأقلّ من ارتفاع إيليّا .
العبرة : لا نقتلنّ أحد حتّى معنويًّا “لمجد الله” ، فالله كفيل بجلاله وليس بحاجة إلى عنفنا وحقدنا وكراهيّتنا ! وقد قال القديس إيريناوس : “مجد الله هو الإنسان الحيّ”!